لا يلبث يتعرف عليها ويبني معها علاقة خاصة، يرسل إليها صوره ويعرفها على عائلته، ويكشف لها أسراره، وما إن يطلب منها صورتها حتى تختفي إلى غير رجعة لا تظهر ولا تتعرف عليه، ينسى الموضوع وبعد عدة أيام يقابله صديقه ويبدأ يكشف له جزءاً من الأسرار التي أخبرها لتلك الفتاة فيضحك قائلاً: إذا أنت هي؟!
بسيطة سوف ترى، يعود إلى المسنجر بعد أن صنع اشتراكاً وهمياً ويبدأ يغازل صديقه ليرد له الصاع صاعين. ويطلب منه الزواج، وبعد أن تصل الأمور إلى ذروتها يكشف له المقلب.
مساكين هؤلاء المراهقين، يبحثون عن صديقتهم الوهمية ليقعوا في شراك المقالب. يجلس الشاب على المسنجر يغوص في عالم المشتركين، ويتبادل الأصدقاء العناوين للبنات، وكذلك البنات، تجلس الفتاة على المسنجر باسم وهمي يسمح لها أن تكشف كل عوراتها، ولم لا؟ طالماً أنها الفتاة الافتراضية التي لا يعرفها أحد ولا وجود لها، اسمها الحقيقي مها واسمها الافتراضي علا، وصديقها الافتراضي اسمه خالد، واسمه الحقيقي عادل، فلا عجب من انعدام الخجل، والحديث الصريح، وتذهب هي أو هو بحثاً عن صورة لملكة جمال تضعها على أنها هي، ويضع المغفل صورة ريكي مارتن ظناًّ منه أن المغفلة في الطرف الآخر سيلين ديون…
برنامج المسنجر أحدث ثورة في عالم التواصل عبر الانترنت، ففي البداية كان الطرف الأول يبحث عن الطرف الثاني من خلال الرسائل على البريد الالكتروني وبرامج الدردشة التي تعتمد على مواقع الانترنت، أما المسنجر والذي ظهر في مرحلة لاحقة فقد أصبح يمكن الجميع من حفظ أصدقائهم على قائمة الاتصال بحيث يمكن محادثتهم في كل وقت. وأصبح استخدام الانترنت فقط لأغراض المسنجر والدردشة فهناك الكثير من الشباب ما إن يعود إلى البيت حتى يدخل إلى شبكة الانترنت ليرى إن كان أصدقاءه الذين ودّعهم لتوه قد دخلوا إلى النت، أو لعله يرى صديقاته الوهميات الافتراضيات أون لاين.
ويتسبب المسنجر والدردشة بالكثير من المشاكل العائلية، فالدردشة سبب رئيسي من أسباب إدمان الانترنت، وبالتالي الابتعاد عن التواصل مع العائلة داخل البيت، وأحيانا يكون مثاراً للشك والريبة بين الأزواج، فالزوج يجلس على الانترنت لساعات طويلة يتحادث مع هذه وتلك على عين زوجته التي ما إن تقترب منه حتى يغير الشاشة ليغطي على الدردشة، فيثير الريبة والشك في نفس زوجته، حتى تحس أن البساط ينسحب تحت قدميها ويشعل في نفسها نار الغيرة القاتلة. ويبتعد عنها ويهجرها ليلاً ساهراً يتنقل بين غرف الدردشة يبحث عن حب رخيص لا قيمة له، تاركاً زوجته تغوص في ليل الشك الرهيب.
أما عن الأسماء المستعارة المستخدمة على المسنجر فهي تعبر عن شخصية وفلسفة حامل الاسم المستعار، فهناك من يسمى نفسه باسم إسلامي لأنه ذات توجه ديني، وهناك الفلسفي لأنه فصيح، وهناك العاطفي، وعلى قائمتي البريدية لفت انتباهي تنوع أصدقائي، فهناك من سمى نفسه “أنا عبد من عبيد الله” كناية عن أنه متدين، وهناك من وضع حديثاً نبوياً شريفاً يقول “من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت”، وهذا الذي سمى نفسه “قاتلتي ترقص حافية القدمين”، و” يا قلبي خبي لا يبان عليا ويشوف حبيبي دموع عينيا”، وآخر سمى نفسه “يا مسلمي العالم اتحدوا”، وفي وقت سابق كتب أحد أصدقائي “وداعاً إلى الأيام التي كانت شبابي” نظراً لاقتراب موعد زواجه، أما صديقي المهندس المعماري فقد كتب ” يؤمن كثيرون أن لدى المعماريين قدرات خلاقة تمكنهم من الخروج بإبداعات جديدة، وكتب أحدهم أو إحداهن “لو أننا مثل الأسامي لا يغيرنا الزمان”.
كثيرة تلك الأفكار التي تحويها الأسماء على المسنجر، فهناك من استخدم هذا الاسم ليروج لسلعة أو ينشر إعلانا فهناك من كتب “أنا في إجازة لمدة عشرين يوم” وآخر كتب أن رقم هاتفه النقال قد تغير ليصبح كذا وكذا”، وآخر استخدم اسم المسنجر للترويج لخدماته فأنا مثلاً أستخدم اسمي للإشارة إلى أنني مصمم مواقع انترنت. وآخر ليعبر عن مهنته فأحد أصدقائي هو مصور لوكالة صحفية كتب باسمه المستعار “عندما ترسم العدسة تاريخ الوطن”، والكثير الكثير من الأسماء الأخرى.
وحسبما ذكرت سابقاً فان كثيرا من الشباب يستخدمون الانترنت للتعارف والصداقة مع الجنس الآخر بحثاً عن حب يجمعه بفتاة أحلامه أو فتى أحلامها، ولكن وللأسف فالنتيجة حب وهمي لا يلبث أن يتلاشى وينتهي، وهناك من يستعمل المسنجر لأغراض أخرى شريفة فهو لا يتحدث إلا مع أصدقاءه وإخوانه، ولا ننكر فضل المسنجر في التواصل مع الأهل خاصة المغتربين منهم، فأخي يعيش في أستراليا ونحدثه بشكل شبه يومي على المسنجر، وأحياناً يصل الكاميرا ونصلها نحن من طرفنا ونشاهد بعضنا البعض فنطمئن ويطمئن، فضلاً عن المحادثة الجماعية التي نجتمع فيها مع أهلنا في الأمارات وفي أستراليا ونتجاذب أطراف الحديث لساعات ونطمئن عليهم، حتى نمل منهم ونخرج من الدردشة وقد شبعنا لأسبوع قادم، كل ذلك بدون أي تكلفة تذكر مقارنة بالاتصال الدولي ذات التكلفة الباهظة.
ومن الجوانب الايجابية لاستخدام المسنجر استخدامه في وصل موظفي الشركات مع بعضهم البعض، فالكثير من الشركات باتت تعتمد في التواصل ما بين مكاتبها وموظفيها على تقنية المسنجر، خاصة إن كان لهذه الشركة مكاتب متفرقة في أماكن مختلفة، فاستخدام الانترنت مجاني مقارنة مع تكاليف الاتصال الهاتفي المباشر، فضلاً عن أن إمكانية إرسال الملفات والمراسلات بين الفروع ستصبح أسرع وفورية من تقنية الفاكس مثلاً.
ومن الجوانب الايجابية الأخرى أن يقوم صاحب المسنجر بإنشاء تجارة على المسنجر من خلال الترويج لخدماته من خدمات الكترونية وتسويقية على المسنجر، ويمكن القول أن المسنجر يساهم في دول العالم المتقدم في التجارة الالكترونية بشكل جيد، فالكثير من الشركات تستقبل تعليقات الزبائن وتقدم لهم المساعدة الفنية والتقنية مباشرة من خلال هذا البرنامج.
ومن الجوانب الايجابية الاخرى الاستمرار في التواصل مع الزملاء والأصدقاء المسافرين حول العالم، فهو يحفظ صداقتنا من النسيان والذوبان، ويبقينا على تواصل معهم نعرف أخبارهم ونشاركهم أخبارنا.
كما يمكن استغلال الدردشة والمسنجر للترويج للقضية الفلسطينية التي أغفلها الإعلام وأظهرنا بمظهر آخر عكسي، فقد كرّست الدعاية الإعلامية الغربية مفهوم أننا شعب إرهابي يعشق الدماء وأننا مجموعة من الجهلة رعاة الغنم، لا نستحق أن نحكم أنفسنا بأنفسنا، والكل يعلم أن النوافذ الإعلامية العالمية لا تفتح لنا المجال لكي نطل على العالم بحقيقتنا وأننا شعب مظلوم محتل ومسلوب الأرض، وبالتالي فان الانترنت وبمساحتها الواسعة تشكل ميداناً لكشف الحقيقة والزيف الإعلامي الغربي تجاهنا، وبات بالإمكان التحدث إلى الغرب خاصة أن الانترنت في الغرب تحتل المرتبة الأولى في مجال تلقي المعلومات في الوقت الحالي. ومن هنا يمكن التعرف إلى الكثير من الشباب الغربي وتحويلهم إلى مؤيدين للقضية الفلسطينية، بل واطلاعهم على الحقيقة من منظورنا الخاص، ودعوتهم لزيارة فلسطين للتعرف على أهلها عن قرب. وهذا أحد الاستخدامات الايجابية الأخرى للمسنجر والدردشة الالكترونية.
ويبقى السؤال هو :”إلى متى سيظل شبابنا غارقاً في تفاهات الانترنت وسلبياتها مبتعداً عن الايجابيات والاستخدام الحسن، فالانترنت سلاح ذو حدين وللأسف فشبابنا لا يهمهم إلا الجانب الرديء والمستنفذ لوقتهم الثمين.
nice 2kteer yaaaaay sho 7elo 3njd astfdt