اليوم قمت بزيارة برفقة الدكتور عماد بريك مدير مركز بحوث الطاقة في الجامعة الى مناطق نائية يقوم المركز بتزويدها مجانا ضمن مشاريع المركز بلوحات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.
هذه المناطق تسمى (خِرَب) وذلك لقلة عدد سكانها وافتقارها للخدمات، يعيش أهلها حياة بدائية ليس لديهم كهرباء ولا أجهزة كهربائية (لا ثلاجة ولا غسالة ولا تلفزيون). الماء يعتمدون على آبار تجميع المياه من المطر أو من خلال نقل الماء بالتنكات.
حياتهم مليئة بالبساطة والتعب وزادهم شقاءً وجودهم في مناطق مهددة من قبل الاحتلال بمصادرة أراضيهم لوقوعهم بجانب مستوطنات أو معسكرات احتلال. بالاضافة الى أن الاحتلال ينغص عليهم معيشتهم من خلال هدم وتخريب أراضيهم وأي غرفة صغيرة ولو كانت مخبز طابون أو مرحاض للبيت… ممنوعون من بناء أي شيء أو شق شارع أو حفر بئر ارتوازي أو حتى أن يقوموا بمد خط ماء من القرى المجاورة.
وبالاضافة الى ذلك فهناك تقصير كبير من الحكومة والسلطة في دعم صمود هؤلاء الناس، مع العلم أن الاحتلال عرض عليهم مايريدون من مال لقاء بيع أراضيهم وتسهيل شراء أراض ٍ لهم في أي مكان آخر مع توفير الخدمات لهم من ماء وكهرباء مسبقاً…تقول الأم لأولادها أن عليهم الحفاظ على ما تعب والدهم من أجله وما بذل من غالٍ ونفيس في سبيل الحفاظ على الأرض. وصبرهم على كل أنواع التهديد والترهيب من الاحتلال.
والد الأشقاء في خربة مكيحل أوصى أن يتم دفنه في أرضه ولسان حاله يقول: ادفنوني في أرضي حتى لا تبيعوها وتتركوها من بعدي.. واذا ما قررتم من بعدي بيعها فلعل قبري يذكركم أن هذه الأرض هي أرضي التي لا تقدر بثمن والتي أفنيت حياتي من أجلها وفي سبيلها.
الكهرباء المولّدة من الطاقة المتجددة، خدمة حيوية جاءت لكي تعزز صمود هؤلاء القوم، وهم لا يصدقون أنفسهم أن بإمكانهم الآن اضاءة مصباح في ليلهم المظلم، بل ان الحاجة في الصورة أدناه تتندر ضاحكة وتقول ان هذا من حظ ابن ابنها العريس الذي دخل قبل أيام “على نور” فقلنا لها “الله يزيده نور على نور”…
تكلف كل وحدة من هذه الوحدات ما يقارب 20-25 ألف دولار تغطي انشاء الخلايا وثمنها، وانشاء غرفة خاصة لتنظيم الكهرباء وتخزينها في بطاريات ذات عمر افتراضي طويل (8-10 سنوات)، ويمكن استبدالها، أما العمر الافتراضي للمشروع ككل فهو 25 عاماً مع العلم أن مركز بحوث الطاقة يقوم بتزويد هذه المشاريع بأفضل الأنواع من الخلايا الشمسية والتي تعمل بكفاءة تصل الى 100% اعتماداً على قوة أشعة الشمس.
حتى الآن نفذ مركز بحوث الطاقة حوالي ثمانية مشاريع في خرب متعددة (منها خربة المكيحل التي زرناها)…جميعها تعيش نفس الظروف تقريباً.
مدير المجلس المحلي في بلدة يعبدة (الصورة أدناه) يقول للدكتور عماد بريك أن ما تفعلونه لهؤلاء ما هو الا احياء أناس واخراجهم من الظلمات الى النور، والمكافأة الحقيقية على ما تقومون به هو في الآخرة ان شاء الله…
اليوم وفي هذه الصورة أدناه تم الاتفاق على انشاء وحدة قياس سرعة الرياح في نقطة قريبة من يعبد تمهيداً لتزويدهم بتوربين يقوم بتوليد الطاقة الكهربائية من الرياح بقدرة قد تصل الى واحد ميجا واط، مع العلم أن يعبد تحتاج الى خمسة ميجا واط، بمعنى أن التوربين في حال اعتماده وتنفيذه سيغطي 20% من احتياجات البلدة.
كما تشكل كل هذه الوحدات نقاط تعليمية لوفود المدارس وكيفية توليد الكهرباء من المصادر المتجددة مثل الرياح والشمس…
مبروك للأهالي وهذه مناشدة لوسائل الاعلام لتسليط الضوء ليس على انجازات المركز بل على معاناة هؤلاء المواطنين بالدرجة الأولى وكيفية مساهمة المركز في تسهيل حياتهم.